الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)
.الفتنة بين الغورية وبين خوارزم شاه على ما ملكوه من بلاد خراسان. قد تقدم لنا أن غياث الدين وشهاب الدين ابني أبي الفتح سام بن الحسين الغوري رجعا إلى خراسان سنة سبع وأربيعن وخمسماية فملكها هراة وبوشنج وباذغيس وغيرها وذلك عند انهزام سنجر أمام الغز وافترق ملكه بين أمرائه ومواليه فصاروا طوائف وأظهرهم خوارزم شاه بن أنس بن محمد بن أنوشرتكين صاحب خوارزم فلما كان سنة خمس وسبعين وخمسماية قام بأمره ابنه سلطان شاه ونازعه أخوه علاء الدين تكين فغلبه على خوارزم وخرج سلطان شاه إلى مرو فملكها من يد الغز ثم أخرجوه منها فاستجاش بالخطا وأخرجهم من مرو وسرخس ونسا وأبيورد وملكها جميعا وصرف الخطا إلى بلادهم وكتب إلى غياث الدين أن ينزل له عن هراة وبوشنج وباذغيس وما ملكه من خراسان وهدده على ذلك فراجعه بإقامة الخطبة له بمرو وسرخس وما ملكه من خراسان فامتعض لذلك سلطان شاه وسار إلى بوشنج فحاصرها وعاث في نواحيها وجهز غياث الدين عساكره مع صاحب سجستان وابن أخته بهاء الدين سام بن باميان لغيبة أخيه شهاب الدين في الهند فساروا إلى خراسان وكان سلطان شاه يحاصر هراة فخام عن لقائهم ورجع إلى مرو وعاث في البلاد في طريقه وأعاد الكتاب إلى غياث الدين بالتهديد فاستقدم أخاه شهاب الدين من الهند فرجع مسرعا وساروا إلى خراسان وجمع سلطان شاه جموعا ونزل الطالقان وترددت الرسل بين سلطان شاه وغياث الدين حتى جنح إلى الصلح بالنزول له عن بوشنج وبادغيس وشهاب الدين يجنح إلى الحرب وغياث الدين يكفهم وجاء رسول سلطان شاه لإتمام العقد فقام شهاب الدين العلوي وقال: لا يكون هذا أبدا ولا تصالحوه وقام شهاب الدين ونادى في عسكره بالحرب والتقدم إلى مرو الروذ وتواقع الفريقان فانهزم سلطان شاه ودخل إلى مرو في عشرين فارسا وبلغ الخبر إلى أخيه فسار لتعرضه عن جيحون وسمع سلطان شاه بتعرض أخيه له فرجع عن جيحون وقصد غياث الدين فأكرمه وأكرم أصحابه وكتب أخوه علاء الدين في رده إليه وكتب إلى نائب هراة يتهدده فامتعض غياث الدين لذلك وكتب إلى خوارزم شاه بأنه مجير وشفيع له ويطلب بلاده وميراثه من أبيه ويضمن له الصلح مع أخيه سلطان شاه وطلب منه مع ذلك أن يخطب له بخوارزم ويزوج أخته من شهاب الدين فامتعض علاء الدين لذلك وكتب بالتهديد فسرح غياث الدين جميع عساكره مع سلطان شاه إلى خوارزم شاه وكتب إلى المؤيد أبيه صاحب نيسابور يستنجده فجمع عساكره وقام في انتظارهم وسمع بذلك علاء الدين تكش وهو زاحف للقاء أخيه سلطان شاه وعساكر الغورية فخشي أن يخالفوه إلى خوارزم وكر إليها راجعا واحتمل أمواله وعبر إلى الخطا وقدم فقهاء خوارزم في الصلح والصهر ووعظه الفقهاء وشكوا إليه بأن علاء الدين يستجيش بالخطا فإما أن تتخذ مرو كرسيا لك فتمنعنا منهم أو تصالحه فأجاب إلى الصلح وترك معاوضة البلاد ورجع إلى كرسيه..غزوة شهاب الدين إلى الهند وهزيمة المسلمين بعد الفتح ثم غزوته الثانية وهزيمة الهنود وقتل ملكهم وفتح أجمير. كان شهاب الدين قد سار سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة إلى الهند وقصد بلاد أجمير وتعرف بولاية السواك واسم ملكهم كوكه فملك عليهم مدينة تبرندة ومدينة أسرستي وكهوه رام فامتعض الملك وسار للقاء المسلمين ومعه أربعة عشر فيلا ولقيهم شهاب الدين في عساكر المسلمين فانهزمت ميمنته وميسرته وحمل على الفيلة فطعن منها واحدا ورمي بحربة في ساعده فسقط عن فرسه وقاتل أصحابه عليه فخلصوه وانهزموا ووقف الهنود بمكانهم ولما أبعد شهاب الدين عن المعركة نزف من جرحه الدم فأصابه الغشي وحمله القوم على أكتافهم في محفة اتخذوها من اللبود ووصلوا به إلى لهاور ثم سار منها إلى غزنة فأقام إلى سنة ثمان وثمانين وخمسمائة وخرج من غزنة غازيا لطلب الثأر من ملك الهند ووصل إلى برساور وكان وجوه عسكره في سخطة منه منذ انهزموا عنه في النوبة الأولى فحضروا عنده واعتذروا ووعدوا من أنفسهم الثبات وتضرعوا في الصفح فقبل منهم وصفح عنهم وسار حتى انتهى إلى موضع المصاف الأول وتحاوزه بأربع مراحل وفتح في طريقه بلادا وجمع ملك الهند وسار للقائه فكر راجعا إلى أن قارب بلاد الإسلام بثلاث مراحل ولحقه الهنود قريبا من بربر فبعث شهاب الدين سبعين ألفا من عسكره ليأتوا العدو من ورائهم وواعدهم هو الصباح وأسرى هو ليلة فصابحهم فذهلوا وركب الملك فرسه للهروب فتمسك به أصحابه فركب الفيل واستماتت قومه عنده وكثر فيهم القتل وخلص إليه المسلمون فأخذوه أسيرا وأحضروه عند شهاب الدين فوقف بين يديه وجذبوا بلحيته حتى قبل الأرض ثم أمر به فقتل ولم ينج من الهنود إلا الأقل وغنم المسلمون جميع ما معهم وكان في جملة الغنائم الفيول ثم سار شهاب الدين إلى حصنهم الأعظم وهو أجمير ففتحه عنوة وملك جميع البلاد التي تقاربه وأقطعها كلها لملوكه أيبك نائبه في دلهي وعاد إلى غزنة.
|